نقل الخبر مطلقا وأن ذلك من خلق المؤمنين، ومجانبة أخلاق الكافرين والفاسقين، وتطرق إلى ما يحدث من التقاتل بين المسلمين، والإصلاح بينهم لأنهم إخوة، وما أمر الله به من آداب حسن المعاملة بين المسلمين في أحوالهم في السر والعلانية، وتخلص من ذلك إلى التحذير من بقايا خلق الكفر في بعض جفاة الأعراب تقويما لأود نفوسهم.
وقال فخر الدين عند تفسير قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات : من الآية٦] : هذه السورة فيها إرشاد المؤمنين إلى مكارم الأخلاق، وهي إما مع الله أو مع رسوله ﷺ أو مع غيرهما من أبناء الجنس، وهم على صنفين : إما أن يكونوا على طريقة المؤمنين وداخلين في رتبة الطاعة أو خارجين عنها وهو الفسوق، والداخل في طائفتهم : إما أن يكون حاضرا عندهم أو غائبا عنهم فهذه خمسة أقسام، قال : فذكر الله في هذه السورة خمس مرات ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وأرشد بعد كل مرة إلى مكرمة من قسم من الأقسام الخمسة، وسنأتي على بقية كلامه عند تفسير الآية الأولى من هذه السورة.
وهذه السورة هي أول سور المفصل بتشديد الصاد ويسمى المحكم على أحد أقوال في المذهب، وهو الذي ارتضاه المتأخرون من الفقهاء وفي مبدأ المفصل عندنا أقوال عشرة أشهرها قولان قيل : إن مبدأه سورة ق وقيل سورة الحجرات، وفي مبدأ وسط المفصل قولان أصحهما أنه سورة عبس، وفي قصاره قولان أصحهما أنها من سورة والضحى.
واختلف الحنفية في مبدأ المفصل على أقوال اثني عشر، والمصحح أن أوله من الحجرات، وأول وسط المفصل سورة الطارق، وأول القصار سورة ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ﴾ [الزلزلة : من الآية١].
وعند الشافعية قيل : أول المفصل سورة الحجرات، وقيل سورة ق، ورجحه ابن كثير في التفسير كما سيأتي.
وعند الحنابلة أول المفصل سورة ق.
والمفصل هو السور التي تستحب القراءة ببعضها في بعض الصلوات الخمس على ما هو مبين في كتب الفقه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٦ صـ ١٧٨ ـ ١٧٩﴾