انتهى، لأنه قدر أن وما بعدها فاعل بفعل مضمر، فأعاد الضمير على ذلك الفاعل، وهو الصبر المنسبك من أن ومعمولها خيراً لهم في الثواب عند الله، وفي انبساط نفس الرسول ( ﷺ ) وقضائه لحوائجهم.
وقد قيل : إنهم جاءوا في أسارى، فأعتق رسول الله ( ﷺ ) النصف وفادى على النصف، ولو صبروا لأعتق الجميع بغير فداء.
وقيل : لكان صبرهم أحسن لأدبهم.
﴿ والله غفور رحيم ﴾، لن يضيق غفرانه ورحمته عن هؤلاء إن تابوا وأنابوا.
﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة ﴾ الآية، حدث الحرث بن ضرار قال : قدمت على رسول الله ( ﷺ )، فدعاني إلى الإسلام، فأسلمت، وإلى الزكاة فأقررت بها، فقلت : أرجع إلى قومي وأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن أجابني جمعت زكاته، فترسل من يأتيك بما جمعت.
فلما جمع ممن استجاب له، وبلغ الوقت الذي أراد الرسول ( ﷺ ) أن يبعث إليه، واحتبس عليه رسول الله ( ﷺ )، قال لسروات قومه : كان رسول الله ( ﷺ ) وقت لي وقتاً إلى من يقبض الزكاة، وليس من رسول الله ( ﷺ ) الخلف، ولا أرى حبس الرسول إلا من سخطه.
فانطلقوا بها إليه، وكان عليه السلام البعث بعث الوليد بن الحارث، ففرق، فرجع فقال : منعني الحارث الزكاة وأراد قتلي، فضرب رسول الله ( ﷺ ) إلى الحارث، فاستقبل الحارث البعث وقد فصل من المدينة، فقالوا : هذا الحارث، إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك قال : ولم؟ فقالوا : بعث إليك الوليد، فرجع وزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال : لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيت رسولك، ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولك خشية أن يكون سخطة من الله ورسوله، قال : فنزلت هذه الآية.