استمرارُها وتجددُها بحسبِ تجددِ مواقعِها الكثيرةِ التي يفصحُ عنه قولُه تعالَى في كثيرٍ من الأمرِ فالحقُّ هو الأولُ ضرورةَ أنَّ مدارَ امتناعِ العنَتِ هو امتناعُ ذلك الاستمرارِ سواءٌ كان ذلكَ الامتناعُ بعدمِ وقوعِ الطاعةِ في أمرٍ ما من تلكَ الأمورِ الكثيرةِ أصلاً أو بعدمِ وقوعِها في كلِّها مع وقوعِها في بعضٍ يسيرٍ منها، حتَّى لو لم يمتنعْ ذلكَ الاستمرارُ بأحدِ الوجهينِ المذكورينِ بل وقعتْ الطاعةُ فيما ذُكِرَ من كثيرٍ من الأمرِ في وقتٍ من الأوقاتِ وقعَ العنتُ قطعاً وإنْ أُريدَ به استمرارُ الطَّاعةِ الواقعةِ في الكلِّ وتجدّدُها بحسبِ تجددِ الزمانِ واستمرارِه فالحقُّ هو الثانِي، فإنَّ مناطَ امتناعِ العنتِ حينئذٍ ليسَ امتناعَ استمرارِ الطاعةِ المذكورةِ ضرورةَ أنَّه موجبٌ لوقوعِ العنتِ بل هُو الاستمرارُ الزمانيُّ لامتناع تلك الطاعةِ الواقعةِ في تلكَ الأمورِ الكثيرةِ بأحدِ الوجهينِ المذكورينِ حتَّى لو لم يستمرَّ امتناعُها بأنْ وقعتْ تلك الطاعةُ في وقتٍ من الأوقاتِ وقعَ العنتُ حتماً واعلمْ أنَّ الأحقَّ بالاختيارِ والأَولى بالاعتبارِ هو الوجهُ الأولُ لأنَّه أوفقُ بالقياسِ المُقتضِي لاعتبارِ الامتناعِ وارداً على الاستمرارِ حسبَ ورودِ كلمةِ لو المفيدةِ للأولِ على صيغةِ المضارعِ المفيدةِ للثانِي، على أنَّ اعتبارَ الاستمرار وارداً على النَّفي على خلافِ القياسِ بمعونةِ المقامِ، إنَّما يصارُ إليهِ إذا تعذرَ الجريانُ على موجبِ القياسِ أو لم يكنْ فيه مزيدُ مزيةٍ كما في قولِه تعالى :﴿ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ حيثُ حملَ على استمرارِ نفي الحزنِ عنُهم إذْ ليسَ في استمرارِ الحزنِ مزيدُ فائدةِ.