فيه، وإلا لاستوى مع الفاسق، فالتثبت معلل بالفسق، فإذا انتفى ولم توجد علة أخرى توجب التثبت وجب القبول، والمعلق على شيء بكلمة " إن " عدم عند عدمه، والتبين بأحد شيئين : بمراجعة النبي ـ ﷺ ـ إن كان حاضراً، وبمراجعة آثاره من كتاب الله وسنته إلى أن تبين الأمر منهما إن كان غائباً، فإنه لا تكون أبداً كائنة إلا وفي الكتاب والسنة المخرج منها.
ولما أمر بالتبين، ذكر علته فقال :﴿أن﴾ أي لأجل كراهة أن ﴿تصيبوا﴾ أي بأذى ﴿قوماً﴾ أي هم مع قوتهم النافعة لأهل الإسلام براء مما نسب إليهم ﴿بجهالة﴾ أي مع الجهل بحال استحاقهم ذلك.
ولما كان الإنسان إذا وضع شيئاً في غير موضعه جديراً بالندم، سبب عن ذلك قوله :﴿فتصبحوا﴾ أي فتصيروا، ولكنه عبر بذلك لأن أشنع الندم ما استقبل الإنسان صباحاً وقت انتباهه وفراغه وإقباله على لذاته ﴿على ما فعلتم﴾ أي من إصابتهم ﴿نادمين﴾ أي عريقين في الأسف على ما فات مما يوقع الله في نفوسكم من أمور ترجف القلوب وتخور الطباع، وتلك سنته في كل باطل، فإنه لكونه مزلزلاً في نفسه لا ينشأ عنه إلا الزلزال والندم على ما وقع من تمني أنه لم يقع، وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام بما تدور مادته عليه مما يرشد إليه مدن ودمن، وهو ينشأ من تضييع أثقال الأسباب التي أمر الإنسان بالسعي فيها كما أشار إليه حديث " احرص على ما ينفعك ولا تعجز فإن غلبك أمر فقل : قدر الله وما شاء فعل، ولا تقل : لو أني فعلت كذا، فإن " لو " تفتح عمل الشيطان " والفاسق المذكور في الآية المراد به الجنس، والذي نزل ذلك بسببه هو الوليد بن عقبة، ولم يزل كذلك حتى أن عثمان ـ رضى الله عنه ـ ولاه الكوفة فصلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعاً ثم قال : هل أزيدكم فعزله عثمان رضى الله عنه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٧ صـ ٢٢٥ ـ ٢٢٨﴾