لما قال تعالى :﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم﴾ [ الحجرات : ١٣ ] والأتقى لا يكون إلا بعد حصول التقوى، وأصل الإيمان هو الاتقاء من الشرك، قالت الأعراب لنا النسب الشريف، وإنما يكون لنا الشرف، قال الله تعالى : ليس الإيمان بالقول، إنما هو بالقلب فما آمنتم لأنه خبير يعلم ما في الصدور، ﴿ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا﴾ أي انقدنا واستسلمنا، قيل إن الآية نزلت في بني أسد، أظهروا الإسلام في سنة مجدبة طالبين الصدقة ولم يكن قلبهم مطمئناً بالإيمان، وقد بينا أن ذلك كالتاريخ للنزول لا للاختصاص بهم، لأن كل من أظهر فعل المتقين وأراد أن يصير له ما للأتقياء من الإكرام لا يحصل له ذلك، لأن التقوى من عمل القلب، وقوله تعالى :﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ﴾ في تفسيره مسائل :
المسألة الأولى :
قال تعالى :﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السلام لَسْتَ مُؤْمِناً﴾ [ النساء : ٩٤ ] وقال ههنا ﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ﴾ مع أنهم ألقوا إليهم السلام، نقول إشارة إلى أن عمل القلب غير معلوم واجتناب الظن واجب، وإنما يحكم بالظاهر فلا يقال لمن يفعل فعلاً هو مرائي، ولا لمن أسلم هو منافق، ولكن الله خبير بما في الصدور، إذا قال فلان ليس بمؤمن حصل الجزم، وقوله تعالى :﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ﴾ فهو الذي جوز لنا ذلك القول، وكان معجزة للنبي ﷺ حيث أطلعه الله على الغيب وضمير قلوبهم، فقال لنا : أنتم لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً لعدم علمكم بما في قلبه.
المسألة الثانية :