﴿إِنَّمَا﴾ للحصر أي لا أخوة إلا بين المؤمنين، وأما بين المؤمن والكافر فلا، لأن الإسلام هو الجامع ولهذا إذا مات المسلم وله أخ كافر يكون ماله للمسلمين ولا يكون لأخيه الكافر، وأما الكافر فكذلك لأن في النسب المعتبر الأب الذي هو أب شرعاً، حتى أن ولدي الزنا من رجل واحد لا يرث أحدهما الآخر، فكذلك الكفر كالجامع الفاسد فهو كالجامع العاجز لا يفيد الأخوة، ولهذا من مات من الكفر وله أخ مسلم ولا وارث له من النسب لا يجعل ماله للكفار، ولو كان الدين يجمعهم لكان مال الكافر للكفار، كما أن مال المسلم للمسلمين عند عدم الوارث، فإن قيل قد ثبت أن الأخوة للإسلام أقوى من الأخوة النسبية، بدليل أن المسلم يرثه المسلمون ولا يرثه الأخ الكافر من النسب، فلم لم يقدموا الأخوة الإسلامية على الأخوة النسبية مطلقاً حتى يكون مال المسلم للمسلمين لا لأخوته من النسب ؟ نقول هذا سؤال فاسد، وذلك لأن الأخ المسلم إذا كان أخاً من النسب فقد اجتمع فيه أخوتان فصار أقوى والعصوبة لمن له القوة، ألا ترى أن الأخ من الأبوين يرث ولا يرث الأخ من الأب معه فكذلك الأخ المسلم من النسب له أخوتان فيقدم على سائر المسلمين، والله أعلم.
المسألة الرابعة :
قال النحاة ( ما ) في هذا الموضع كافة تكف إن عن العمل، ولولا ذلك لقيل : إنما المؤمنين إخوة، وفي قوله تعالى :﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ الله﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ] وقوله ﴿عَمَّا قَلِيلٍ﴾ [ المؤمنون : ٤٠ ] ليست كافة.