قوله تعالى :﴿ من ذكر وأنثى ﴾ يحتمل أن يريد آدم وحواء. فكأنه قال : إنا خلقنا جميعكم من آدم وحواء. ويحتمل أن يريد الذكر والأنثى اسم الجنس. فكأنه قال : إنا خلقنا كل واحد منكم من ماء ذكر وما أنثى. وقصد هذه الآية التسوية بين الناس. ثم قال تعالى :﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ﴾ أي لئلا تفاخروا ويريد بعضكم أن يكون أكرم من بعض. فإن الطريق إلى الكرم غير هذا :﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ وروى بو بكرة : قيل يا رسول الله : من خير الناس؟ قال :" من طال عمره وحسن عمله ". وفي حديث آخر من خير الناس؟ قال :" آمرهم بالمعروف. وأنهاهم عن المنكر. وأوصلهم للرحم وأتقاهم ". وحكى الزهراوي أن سبب هذه الآية غضب الحارث بن هشام وعتاب بن أسيد حين أذن بلال يوم فتح مكة على الكعبة، وحكى الثعلبي عن ابن عباس أن سببها قول ثابت بن قيس لرجل لم يفسح عند النبي ﷺ : يا ابن فلانة، فوبخه النبي ﷺ، وقال له :" إنك لا تفضل أحداً إلا في الدين والتقوى " فنزلت هذه الآية ونزل الأمر بالتفسح في ذلك أيضاً، والشعوب : جمع شعب وهو أعظم ما يوجد من جماعات الناس مرتبطاً بنسب واحد، ويتلوه القبيلة، ثم العمارة، ثم البطن، ثم الفخذ، ثم الأسرة والفصيلة : وهما قرابة الرجل الأدنون فمضر وربيعة وحمير شعوب، وقيس وتميم ومذحج ومراد، قبائل مشبهة بقبائل الرأس، " لأنها قطع تقابلت " وقريش ومحارب وسليم عمارات، وبنو قصي وبنو مخزوم بطون، وبنو هاشم وبنو أمية أفخاذ، وبنو عبد المطلب أسرة وفصيلة، وقال ابن جبير : الشعوب : الأفخاذ. وروي عن ابن عباس الشعوب : البطون، وهذا غير ما تمالأ عليه اللغويون. قال الثعلبي، وقيل : الشعوب في العجم والقبائل في العرب، والأسباط في بني إسرائيل. وأما الشعب الذي هو في همدان الذي ينسب إليه الشعبي فهو بطن يقال له الشعب.