والمذموم ضدّه ؛ بدلالة قوله تعالى :﴿ إِنَّ بَعْضَ الظن إِثْمٌ ﴾، وقوله :﴿ لولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المؤمنون والمؤمنات بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً ﴾ [ النور : ١٢ ]، وقولِه :﴿ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ﴾ [ الفتح : ١٢ ] وقال النبيّ ﷺ :" إذا كان أحدكم مادحا أخاه فليقل أحسب كذا ولا أزكِّي على الله أحداً " وقال :" إذا ظننت فلا تَحَقَّق وإذا حسدت فلا تَبْغ وإذا تطيّرت فامض " خرّجه أبو داود.
وأكثر العلماء على أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبح ؛ قاله المهدوِيّ.
الرابعة قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَجَسَّسُواْ ﴾ وقرأ أبو رجاء والحسن باختلاف وغيرهما "وَلاَ تَحَسَّسُوا" بالحاء.
واختلِف هل هما بمعنًى واحد أو بمعنيين ؛ فقال الأخفش : ليس تبعد إحداهما من الأخرى ؛ لأن التجسس البحث عما يُكتم عنك.
والتحسس ( بالحاء ) طلب الأخبار والبحث عنها.
وقيل : إن التجسس ( بالجيم ) هو البحث ؛ ومنه قيل : رجل جاسوس إذا كان يبحث عن الأمور.
وبالحاء : هو ما أدركه الإنسان ببعض حواسه.
وقولٌ ثانٍ في الفرق : أنه بالحاء تطلّبه لنفسه، وبالجيم أن يكون رسولاً لغيره ؛ قاله ثعلب.
والأوّل أعرف.
جَسَست الأخبار وتجسّستها أي تفحّصت عنها ؛ ومنه الجاسوس.
ومعنى الآية : خذوا ما ظهر ولا تتبعوا عورات المسلمين ؛ أي لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطّلع عليه بعد أن ستره الله.
وفي كتاب أبي داود عن معاوية قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم " فقال أبو الدرداء : كلمةٌ سمعها معاوية من رسول الله ﷺ نفعه الله تعالى بها.


الصفحة التالية
Icon