قال شعبة : فذكرته لأبي إسحاق فقال صدق.
وروى أبو هريرة :" أن الأسلمي ماعزاً جاء إلى النبيّ ﷺ فشهد على نفسه بالزنى فرجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسمع نبيّ الله ﷺ رجلين من أصحابه يقول أحدهما للآخر : انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رُجِم رَجْمَ الكلب ؛ فسكت عنهما.
ثم سار ساعة حتى مرّ بجِيفة حمار شائل برجله فقال :"أين فلان وفلان"؟ فقالا : نحن ذا يا رسول الله ؛ قال :"انزلا فَكُلا من جِيفة هذا الحمار" فقالا : يا نبيّ الله ومن يأكل من هذا قال :"فما نلتما من عرض أخيكما أشدّ من الأكل منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها" ".
السادسة قوله تعالى :﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ﴾ مَثّل الله الغِيبة بأكل الميتة ؛ لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه كما أن الحي لا يعلم بغِيبة من اغتابه.
وقال ابن عباس : إنما ضرب الله هذا المثل للغِيبة لأن أكل لحم الميت حرام مستقذر، وكذا الغِيبة حرام في الدّين وقبيح في النفوس.
وقال قتادة : كما يمتنع أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً كذلك يجب أن يمتنع من غِيبته حيًّا.
واستعمِل أكل اللحم مكان الغِيبة لأن عادة العرب بذلك جارية.
قال الشاعر :
فإن أكلوا لحمي وفَرت لحومهم...
وإن هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لهم مَجْدا
وقال ﷺ :" ما صام من ظل يأكل لحوم الناس " فشبّه الوقيعة في الناس بأكل لحومهم.
فمن تنقّص مسلماً أو ثَلَم عرضه فهو كالآكل لحمه حيًّا، ومن اغتابه فهو كالآكل لحمه ميتاً.


الصفحة التالية
Icon