منزلتهم، وإذا تركتم النظر في معايبهم ووصفهم بما يعيبهم فلا تسموهم بما يكرهونه ولا تهولوا هذا ليس بعيب يذكر فيه إنما هو اسم يتلفظ به من غير قصد إلى بيان صفة وذكر في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قوله ﴿لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ﴾ القوم اسم يقع على جمع من الرجال ولا يقع على النساء ولا على الأطفال لأنه جمع قائم كصوم جمع صائم، والقائم بالأمور هم الرجال فعلى هذا الأقوام الرجال لا النساء فائدة : وهي أن عدم الالتفات والاستحقار إنما يصدر في أكثر الأمر من الرجال بالنسة إلى الرجال، لأن المرأة في نفسها ضعيفة، فإذا لم يلتفت الرجال إليها لا يكون لها أمر، قال النبي ﷺ :
" النساء لحم على وضم إلا ما رددت عنه " وأما المرأة فلا يوجد منها استحقار الرجل وعدم التفاتها إليه لاضطرارها في دفع حوائجها ( إليه )، وأما الرجال بالنسبة إلى الرجال والنساء بالنسبة إلى النساء فيوجد فيهم هذا النوع من القبح وهذا أشهر.
المسألة الثانية :
قال في الدرجة العالية التي هي نهاية المنكر ﴿عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ﴾ كسراً له وبغضاً لنكره، وقال في المرتبة الثانية ﴿لا تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ جعلهم كأنفسهم لما نزلوا درجة رفعهم الله درجة وفي الأول جعل المسخور منه خيراً، وفي الثاني جعل المسخور منه مثلاً، وفي قوله ﴿عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ﴾ حكمة وهي أنه وجد منهم النكر الذي هو مفض إلى الإهمال وجعل نفسه خيراً منهم كما فعل إبليس حيث لم يلتفت إلى آدم وقال :﴿أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ﴾ [ الأعراف : ١٢ ] فصار هو خيراً، ويمكن أن يقال المراد من قوله ﴿أَن يَكُونُواْ﴾ يصيروا فإن من استحقر إنساناً لفقره أو وحدته أو ضعفه لا يأمن أن يفتقر هو ويستغني الفقير، ويضعف هو ويقوى الضعيف.
المسألة الثالثة :