* ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى * إذا طاب ورد الموت بين العساكر *
* ونضرب هام الدارعين وننتمي * إلى حسب من جذم غسان قاهر *
* فلولا حياء الله قلنا تكرّماً * على النّاس بالخيفين هل من منافر *
* فأحياؤنا من خير من وطئ الحصى * وأمواتنا من خير أهل المقابر *
قال : فقام الأقرع بن حابس، فقال : إنّي والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، وإنّي قد قلت شعراً، فاسمعه منّي، فقال : هات، فقال :
* أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا * إذا خالفونا عند ذكر المكارم *
* وإنّا رؤُس الناس من كلّ معشر * وأنّ ليس في أرض الحجاز كدارم *
* وإنّ لنا المرباع في كلّ غارة * تكون بنجد أو بأرض التهائم *
فقال رسول الله ﷺ " قم يا حسّان فأجبه ". فقام حسّان، فقال :
* بني دارم لا تفخروا إنّ فخركم * يعود وبالاً عند ذكر المكارم *
* هبلتم علينا تفخرون وأنتمُ * لنا خول من بين ظئر وخادم *
فقال رسول الله ﷺ " لقد كنت غنياً يا أخا دارم أن يذكر منك ما قد ظننت أنّ الناس قد نسوه ".
قال : فكان قول رسول الله ﷺ أشدّ عليهم من قول حسّان. ثمّ رجع حسّان إلى شعره. فقال :
* كأفضل ما نلتم من المجد والعلى * ردافتنا من بعد ذكر الأكارم *
* فإن كنتمُ جئتمْ لحقن دمائكم * وأموالكم أن تقسموا في المقاسم*
* فلا تجعلوا لله ندّاً وأسلموا * ولا تفخروا عند النبيّ ﷺ بدارم *
* وإلاّ وربّ البيت مالت أكفّنا * على هامكم بالمرهفات الصوارم *
قال : فقام الأقرع بن حابس، فقال : إنّ محمّداً المولى، إنه والله ما أدري ما هذا الأمر، تكلّم خطيبنا، فكان خطيبهم أحسن قولاً، وتكلّم شاعرنا، فكان شاعرهم أشعر، وأحسن قولاً. ثمّ دنا من النبيّ ﷺ فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسوله.