فقال له النبيّ ﷺ " ما يضرّك ما كان قبل هذا ". ثمّ أعطاهم رسول الله ﷺ وكساهم، وقد كان يخلف في ركابهم عمرو بن الأهتم، وكان قيس بن عاصم يبغضه لحداثة سنه، فأعطاه رسول الله مثل ما أعطى القوم، فأزرى به قيس، وقال فيه أبيات شعر وارتفعت الأصوات، وكثر اللغط عند رسول الله ﷺ فأنزل الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ ترفعوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبي ﴾ إلى قوله ﴿ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ "
يعني جزاء وافراً، وهو الجنّة.
﴿ إِنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ الحجرات ﴾ يعني أعراب تميم، حيث نادوا : يا محمّد اخرج علينا، فإنّ مدحنا زين وذمّنا شين، قاله قتادة. قال ابن عبّاس :" بعث رسول الله ﷺ سرية إلى حي من بني العنبر وأمّر عليهم عُيينة بن حصين الفزاري، فلمّا علموا أنّه توجّه نحوهم، هربوا، وتركوا عيالهم، فسباهم عُيينة، وقدم بهم على رسول الله ﷺ فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذراري، فقدموا وقت الظهيرة، وواقفوا رسول الله في أهله قائلاً، فلمّا رأتهم الذراري جهشوا إلى آبائهم يبكون، وكان لكلّ امرأة من نساء رسول الله ﷺ بيت، وحجرة، فعجلوا أن يخرج إليهم رسول الله ﷺ وجعلوا ينادون : يا محمّد اخرج إلينا حتّى أيقظوه من نومه، فخرج إليهم، فقالوا : يا محمّد فادنا عيالنا.
فنزل جبريل، فقال : يا محمّد إنّ الله يأمرك أن تجعل بينك، وبينهم رجلاً، فقال لهم رسول الله ﷺ " أترضون أن يكون بيني وبينكم سمرة بن عمرو، وهو على دينكم؟ ".
فقالوا : نعم. قال سمرة : أنا لا أحكم بينهم وعمّي شاهد، وهو الأعور بن شامة فرضوا به.
فقال الأعور : أرى أن يفادي نصفهم، ويعتق نصفهم. فقال النبي ﷺ " قد رضيت ".


الصفحة التالية
Icon