وفي هاتين الآيتين دليل على انّ البغي لا يزيل اسم الإيمان، لأنّ الله سبحانه وتعالى سمّاهم أخوة مؤمنين مع كونهم باغين، عاصين. يدلّ عليه ما روى الأعور أنّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه سُئل وهو القدوة في قتال أهل البغي، عن أهل الجمل، وصفّين، أمشركون هم؟ فقال : لا، من الشرك فرّوا. فقيل : أهم منافقون؟ فقال : إنّ المنافقين لا يذكرون الله إلاّ قليلاً. قيل : فما حالهم؟ قال : إخواننا بغوا علينا.
وقد أخبرني ابن منجويه، قال : حدّثنا ابن شنبه، قال : حدّثنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبّار الصوفي قال : حدّثنا أبو نصر التمّار، قال : حدّثنا كوثر، عن نافع، عن ابن عمر أنّ النبيّ ﷺ قال :" يا عبد الله هل تدري كيف حكم الله سبحانه فيمن بغى من هذه الأُمّة؟ ".
قال : الله ورسوله أعلم. قال :" لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها " وسُئل محمّد بن كعب القرظي عن هاتين الآيتين، فقال : جعل النبيّ ﷺ أجر المصلح بين الناس، كأجر المجاهد عند الناس، وقال بكر بن عبد الله : امش ميلاً، وعد مريضاً، امش ميلين، وأصلح بين اثنين، امش ثلاثة أميال، وزر أخاك في الله.


الصفحة التالية
Icon