وقال السدي : نزلت في الأعراب الذين ذكرهم الله في سورة الفتح، وهم أعراب مزينة، وجهينة، وأسلم، وأشجع، وغفار، كانوا يقولون : آمنّا بالله، ليأمنوا على أنفسهم، وأموالهم، فلمّا استُنفروا إلى الحديبية تخلّفوا، فأنزل الله سبحانه :﴿ قَالَتِ الأعراب آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا ﴾ أي انقَدنَا واستسلمنا مخافة القتل والسبي. ﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ فأخبر أنّ حقيقة الإيمان التصديق بالقلب، وأنّ الإقرار به باللسان، وإظهار شرائعه بالأبدان، لا يكون إيماناً دون الإخلاص الذي محلّه القلب، وأنّ الإسلام غير الإيمان.
يدلّ عليه ما أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي، قرأه عليه محمّد بن زكريا في شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، قال : أخبرنا أبو العبّاس محمد بن الدغولي، قال : حدّثنا محمّد بن الليث المروزي، قال : حدّثنا عبدالله بن عثمان بن عبدان، قال : حدّثنا عبد الله ابن المبارك، قال : أخبرنا يونس، عن الزهري.
قال : أخبرني عامر، عن سعد بن أبي وقّاص " أنّ رسول الله ﷺ أُعطي رهطاً، وسعد جالس فيهم، فقال سعد : فترك رسول الله ﷺ رجلاً منهم، فلم يعطه، وهو أعجبهم إليّ. فقلت : يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله إنّي لأراه مؤمناً، فقال رسول الله :" أو مُسلماً ".
فسكت قليلاً، ثمّ غلبني ما أعلم منه، فقلت : يا رسول الله ما لك عن فلان، فوالله إنّي لأراه مؤمناً، فقال رسول الله ﷺ " أو مُسلماً ".
فسكتُ قليلاً، ثمّ غلبني ما أعلم منه، فقلت : يا رسول الله ما لك عن فلان، فوالله إنّي لأراه مؤمناً، فقال رسول الله ﷺ " أو مسلماً، فإنّي لأعطي الرجل، وغيره أحبّ إليّ منه خشية أن يكبّ في النار على وجهه " ".


الصفحة التالية
Icon