فاعلم أنّ الإسلام الدخول في السلم، وهو الطاعة والانقياد، والمتابعة، يقال : أسلم الرجل إذا دخل في السلم وهو الطاعة والانقياد والمتابعة. يقال : أسلم الرجل إذا دخل في السلم، كما يقال : أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء، وأصاف إذا دخل في الصيف، وأربع إذا دخل في الربيع، وأقحط إذا دخل في القحط، فمن الإسلام ما هو طاعة على الحقيقة باللسان والأبدان فالجنان، كقوله عزّ وجلّ لإبراهيم :﴿ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ ﴾ [ البقرة : ١٣١ ]، وقوله :﴿ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المؤمنين * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المسلمين ﴾ [ الذاريات : ٣٥-٣٦ ].
ومنه ما هو انقياد باللسان دون القلب وذلك قوله :﴿ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا ﴾ بيانه قوله سبحانه :﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ ﴾.
﴿ وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ ﴾ ظاهراً وباطناً، سرّاً وعلانيّةً ﴿ لاَ يَلِتْكُمْ ﴾ ( بالألف ) أبو عمر، ويعقوب، واختاره أبو حاتم اعتباراً بقوله :﴿ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ ﴾ [ الطور : ٢١ ] يقال ألت يألت ألتاً، قال الشاعر :
| أبلغ بني ثعل عني مغلغلة | جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذبا |
وقرأ الآخرون ( يلتكم ) من لات يليت ليتاً، كقول رؤبة :
| وليلة ذات ندىً سريتُ | ولم يلتني عن سراها ليتُ |
ومعناهما جميعاً لا ينقصكم، ولا يظلمكم.
﴿ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ ثمّ بيّن حقيقة الإيمان، فقال :
﴿ إِنَّمَا المؤمنون الذين آمَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ ﴾ لم يشكّوا في وحدانية الله، ولا بنبوّة أنبيائه ولا فيما آمنوا به، بل أيقنوا وأخلصوا.