اللطيفة الرابعة : لم يقل يمن عليكم أن أسلمتم بل قال :﴿أَنْ هَداكُمْ للإيمان﴾ لأن إسلامهم كان ضلالاً حيث كان نفاقاً فما منّ به عليهم، فإن قيل كيف من عليهم بالهداية إلى الإيمان مع أنه بيّن أنهم لم يؤمنوا ؟ نقول الجواب عنه من ثلاثة أوجه أحدها : أنه تعالى لم يقل : بل الله يمن عليكم أن رزقكم الإيمان، بل قال :﴿أَنْ هَداكُمْ لإيمان﴾ وإرسال الرسل بالآيات البينات هداية ثانيها : هو أنه تعالى يمن عليهم بما زعموا، فكأنه قال أنتم قلتم آمنا، فذلك نعمة في حقكم حيث تخلصتم من النار، فقال هداكم في زعمكم ثالثها : وهو الأصح، هو أن الله تعالى بيّن بعد ذلك شرطاً فقال :﴿إِن كُنتُمْ صادقين ﴾.
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)
إشارة إلى أنه لا يخفى عليه أسراركم، وأعمال قلوبكم الخفية، وقال :﴿بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ يبصر أعمال جوارحكم الظاهرة، وآخر السورة مع التئامه بما قبله فيه تقرير ما في أول السورة، وهو قوله تعالى :﴿لاَ تُقَدّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ واتقوا الله﴾ [ الحجرات : ١ ] فإنه لا يخفى عليه سر، فلا تتركوا خوفه في السر ولا يخفى عليه علن فلا تأمنوه في العلانية، والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٨ صـ ١٢٣ ـ ١٢٤﴾


الصفحة التالية
Icon