وقال أبو السعود :
﴿ إِنَّمَا المؤمنون الذين ءامَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ ﴾
لَمْ يشكُّوا، منِ ارتابَ مطاوعُ رَاَبهُ إذَا أوقعَهُ في الشِكِّ مع التهمةِ وفيهِ إشارةٌ إِلى أنَّ فيهمْ ما يوجبُ نَفي الإيمانِ عنهُمْ وثُمَّ للإشعارِ بأَنَّ اشتراطَ عدمِ الارتيابِ في اعتبارِ الإيمانِ ليسَ في حالِ إنشائِه فقطْ بلْ وفيما يُستقبلُ فهيَ كمَا في قولِه تعالَى ثم استقامُوا ﴿ وجاهدوا بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ الله ﴾ في طاعتِه عَلى تكثرِ فنونِها من العباداتِ البدنيةِ المحضِة والماليةِ الصرفةِ والمشتملةِ عليهَما معاً كالحجِّ والجهادِ ﴿ أولئك ﴾ الموصوفونَ بمَا ذكرَ منَ الأوصافِ الجميلةِ ﴿ هُمُ الصادقون ﴾ أي الذينَ صدقُوا في دَعْوى الإيمانِ لا غيرُهم. رُوِي أنَّه لما نزلتْ الآيةُ جاءُوا وحلفُوا أنهم مؤمنونَ صادقونَ فنزلَ لتكذيبِهم قولُه تعالَى :﴿ قُلْ أَتُعَلّمُونَ الله بِدِينِكُمْ ﴾ أيْ أتخبرونَهُ بذلكَ بقولِكم آمنَّا والتعبيرُ عَنْهُ بالتعليمِ لغايةِ تشنيعِهم ﴿ والله يَعْلَمُ مَا فِى السموات وَمَا فِى الأرض ﴾ حالٌ منْ مفعولِ تعلمونَ مؤكدةٌ لتشنيعِهم، وقولُه تعالَى :﴿ والله بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ ﴾ تذييلٌ مقررٌ لمَا قبلَهُ أيْ مبالغٌ في العلمِ بجميعِ الأشياءِ التي منْ جُملتها ما أخفَوهُ من الكفرِ عندَ إظهارِهم الإيمانَ وفيهِ مزيدُ تجهيلٍ وتوبيخٍ لهم ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾ أيْ يعدّونَ إسلامَهم منَّةً عليكَ وهيَ النعمةُ التِّي لا يطلبُ مُوليها ثواباً ممنْ أنعمَ بَها عليهِ من المَنِّ بمَعنى القطعِ لأَنَّ المقصودَ بها قطعُ حاجتِه وقيلَ النعمةُ الثقيلةُ من المَنِّ ﴿ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إسلامكم ﴾ أيْ لا تعدُوا إسلامَكُم منَّةً عليَّ أوْ لاَ تمنُّوا عليَّ بإسلامِكم فنصبَ بنزعِ الخافضِ ﴿ بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ للايمان ﴾ عَلى ما زعمتُم مَعَ أنَّ الهدايةَ لا تستلزمُ الاهتداءَ وقُرىءَ إِنْ هداكُم وَإِذْ هداكُم { إِن


الصفحة التالية
Icon