وقال ﷺ "إنّ الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" قال الرازي في المراد بالآية : وجهان : الأول أنّ التقوى تفيد الإكرام. الثاني : أنّ الإكرام يورث التقوى كما يقال المخلصون على خطر والأول أشهر، والثاني أظهر فإن قيل : التقوى من الأعمال والعلم أشرف لقوله ﷺ "لفقيه واحد أشدّ على الشيطان من ألف عابد" أجيب : بأنّ التقوى ثمرة العلم لقوله تعالى :﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (فاطر :)
فلا تقوى إلا للعالم فالتقي العالم أثمر علمه، والعالم الذي لا يتقي كشجرة لا ثمر لها، لكن الشجرة المثمرة أشرف من التي لا تثمر، بل هي حطب. قال الحسن البصري : إنما الفقيه العامل بعلمه أي وهو المراد من قوله ﷺ "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" ومن قوله عز من قائل ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ (الزمر :)
فإن قيل : خطاب الناس بقوله تعالى ﴿أكرمكم﴾ يقتضي اشتراك الكل في الإكرام ولا كرامة لكافر فإنه أضلّ من الأنعام أجيب بأنّ ذلك غير لازم مع أنه حاصل لدليل قوله تعالى :﴿ولقد كرمنا بني آدم﴾ (الإسراء :)
لأنّ كل من خلق فقد اعترف بربه ثم من استمرّ عليه وزاد زيد في كرامته ومن رجع عنه أزيل عنه أكثر الكرامة ﴿إن الله﴾ أي : المحيط بكل شيء علماً وقدرة ﴿عليم﴾ أي : بالغ العلم بظواهركم يعلم أنسابكم ﴿خبير﴾ أي : محيط العلم ببواطنكم لا تخفى عليه أسراركم فجعلوا التقوى رداءكم
ولما قال تعالى :﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ والتقى لا يكون إلا بعد حصول التقوى وأصله الإيمان والإتقاء من الشرك.


الصفحة التالية
Icon