ولك أن تقول : إنما أفرغ هذا المعنى المروي عن مجاهد في قالب ذاك اللفظ الكريم جرياً على سنة التنزيل في إيثار أرق الألفاظ والجمل، وألطفها في ذلك، فإن أسلوبه فوق كل أسلوب وقد قال : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به :﴿ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ ﴾ أي : مخافة أن تحبط أعمالكم، برفع صوتكم فوق صوته، وجهركم له بالقول كجهركم لبعضكم :﴿ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ أي : لا تعلمون، ولا تدرون بحبوطها.
تنبيه :
استدلت المعتزلة بالآية على أن الكبائر محبطة الأعمال، لأن المذكور في الآية كبيرة محبطة ولا فرق بينها وبين غيرها. ولما كان عند أهل السنة، المحبط للأعمال هو الكفر خاصة، تأولوا الآية بأنها للتغليظ والتخويف، إذ جعلت بمنزلة الكفر المحبط، أو هي للتعريض بالمنافقين المقاصدين بالجهر والرفع الاستهانة، فإن فعلهم محبط قطعاً.