هذه شذرة مما جاء في " الإقناع "، و " شرحه " وتفصيله ثمة.
الثالث - قال في " شرح الإقناع " : في الآية فوائد : منها أنهم لم يخرجوا بالبغي عن الإيمان، وأنه أوجب قتالهم، وأنه أسقط عنهم التبعة فيما أتلفوه في قتالهم. وإجازة كل من منع حقّاً عليه. والأحاديث بذلك مشهورة : منها ما روى عُبَاْدَة بن الصامت قال : بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله. متفق عليه. وأجمع الصحابة على قتالهم، فإن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة، وعلياً قاتل أهل الجمل، وأهل صفّين. انتهى.
وتدل الآية أيضاً على وجوب معاونة من بغى عليه، لقوله :﴿ فَقَاتِلُواْ ﴾، وعلى وجوب تقديم النصح، لقوله :﴿ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ﴾، وعلى السعي في المصالحة، وذلك ظاهر.
الرابع - وجه الجمع في :﴿ اقْتَتَلُواْ ﴾، مع أنه قد يقال : مقتضى الظاهر : اقتتلتا، هو الحمل على المعنى دون اللفظ ؛ لأن الطائفين في معنى القوم والناس. والنكتة في اعتبار المعنى أولاً. واللفظ ثانياً عكس المشهور في الاستعمال، ما قيل إنهم أولاً في حال القتال مختلطون مجتمعون، فلذا جمع أولاً ضميرهم، وفي حال الإصلاح متميزون متفارقون، فلذا ثنى الضمير ثانياً وسرّ قرْن الإصلاح الثاني بالعدل، دون الأول، لأن الثاني لوقوعه بعد المقاتلة مظنة للتحامل عليهم بالإساءة، أو لإيهام أنهم لما أحوجوهم للقتال استحقوا الحيف عليهم.
الخامس - أقسط الرباعي همزته للسلب. أي : أزيلوا الجور، واعدلوا. بخلاف قسط الثلاثي، فمعناه جار. قال تعالى :﴿ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ﴾ [ الجن : ١٥ ]، وهذا هو المشهور - خلافاً للزجاج - في جعلهما سواء - أفاده الكرخي -. وقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon