أي لا يلزم أحدكم أخاه كما تقدم إيضاحه في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى :﴿ إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [ الإسراء : ٩ ].
وقد أوعد الله جل وعلا الذين يلمزون الناس في قوله ﴿ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴾ [ الهمزة : ١ ]، والهمزة كثير الهمز للناس، واللمز كثير اللمز.
وقال بعض العلماء : الهمز يكون بالفعل كالغمز بالعين احتقاراً وازدراء، واللمز باللسان، وتدخل فيه الغيبة.
وقد صرح الله تعالى بالنهي عن ذلك في قوله :﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضا ﴾ [ الحجرات : ١٢ ] ونفر عنه غاية التنفير في قوله تعالى ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [ الحجرات : ١٢ ] فيجب على المسلم أن يتباعد كل التباعد من الوقوع في عرض أخيه.
قوله تعالى ﴿ يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى ﴾.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه خلق الناس من ذكر وأنثى، ولم يبين هنا كيفية خلقه للذكر والأنثى المذكورين ولكنه بين ذلك في مواضع أخر من كتاب الله.
فبين أنه خلق ذلك الذكر الذي هو آدم من تراب، وقد بين الأطوار التي مر بها ذلك التراب، كصيرويته طيناً لازباً وحماً مسنوناً وصلصالاً كالفخار.
وبين أنه خلق تلك الأنثى التي هي حواء من ذلك الذكر الذي هو آدم فقال في سورة النساء :﴿ يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً ﴾ [ النساء : ١ ] وقال تعالى في الأعراف ﴿ هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [ الأعراف : ١٨٩ ] وقال تعالى : في الزمر ﴿ خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ [ الزمر : ٦ ].
وقد قدمنا أنه خلق نوع الإنسان على أربعة أنواع مختلفة :


الصفحة التالية
Icon