وروى أسباط عن السدي قال : كانت امرأة من الأنصار يقال لها أم زيد، فأبغضت زوجها، وأرادت أن تلحق بأهلها، وكان قد جعلها في غرفة له، وأمر أهله أن يحفظوها، وخرج إلى حاجة له، فأرسلت إلى أهلها، فجاء ناس من أهلها، وأرادوا أن يذهبوا بها، فاقتتلوا بالنعال، والتلاطم.
فنزل قوله تعالى :﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا ﴾ الآية.
ثم صارت الآية عامة في جميع المسلمين.
إذا اقتتل فريقان من المسلمين، وجب على المؤمنين الإصلاح بين الفريقين.
فإن ظهر أن أحد الفريقين ظالم، فإنه يقاتل ذلك الفريق حتى يرجع إلى حكم الله.
ثم قال :﴿ فَإِن فَاءتْ ﴾ يعني : رجعت إلى الصلح ﴿ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بالعدل ﴾ يعني : بالحق ﴿ وَأَقْسِطُواْ ﴾ يعني : اعدلوا بين الفريقين، ولا تميلوا ﴿ إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين ﴾ يعني : العادلين.
ثم قال عز وجل :﴿ إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ ﴾ يعني : كالأخوة في التعاون لأنهم على دين واحد.
كما قال النبي ﷺ :" المُؤْمِنَ للمُؤْمِن كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعضُهُ بَعْضاً " وَرُوي عنه أنه قال :" المُؤْمِنُونَ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ تَدَاعَى سَائِر الأَعْضَاءِ إِلَى الحُمَّى وَالسَّهَرِ ".
ثم قال :﴿ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ يعني : الفريقين من المؤمنين مثل الأوس والخزرج.
﴿ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ قرأ ابن سيرين : إِخْوَانِكُم بالنون.
وقرأ يعقوب الحضرمي : بَيْنَ إِخْوَتِكُمْ بالتاء.
يعني : جمع الأخ.
وقراءة العامة ﴿ أَخَوَيْكُمْ ﴾ بالياء على تثنية الأخ.
يعني : بين كل أخوين.
ثم قال :﴿ واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ يعني : اخشوا الله عز وجل، ولا تعصوه، لكي ترحموا، فلا تعذبوا.
قوله عز وجل :﴿ تُرْحَمُونَ يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ ﴾ يعني : لا يستهزىء الرجل من أخيه.


الصفحة التالية
Icon