فقلنا : هما لذلك. وأتاه السَّلميون، فقال رسول الله ﷺ " لا قود لهما لأنّهما اعتزما إلى عدوّنا ". ولكنّه أيدهما، فوادَّهما رسول الله ﷺ وأنزل الله سبحانه في ذلك :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ ﴾ " حين قتلوا الرجلين، وهذه رواية ماذان عن ابن عبّاس.
وقال ابن زيد : لا تقطعوا أمراً دون رسول الله، وقيل : لا تمشوا بين يدي رسول الله، وكذلك بين أيدي العلماء فإنّهم ورثة الأنبياء.
ودليل هذا التأويل ما أخبرنا أبو الحسن الخبازي، قال : حدّثنا أبو القاسم موسى بن محمّد الدينوري بها، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى، قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال : حدّثنا رجل بمكّة، عن ابن جريج، عن عطاء، " عن أبي الدرداء، قال : رآني النبيّ ﷺ أمشي أمام أبي بكر، فقال :" تمشي أمام من هو خير منك في الدّنيا والآخرة، ما طلعت الشمس، ولا غربت على أحد بعد النبيّ ﷺ والمرسلين خيراً وأفضل من أبي بكر ".
وقيل : إنّها نزلت في قوم كانوا يحضرون مجلس رسول الله ﷺ فإذا سُئل الرسول عن شيء، خاضوا فيه، وتقدّموا بالقول، والفتوى، فنهوا عن ذلك، وزجروا عن أن يقول أحد في شيء من دين الله سبحانه، قبل أن يقول فيه رسول الله ﷺ وقيل : لا تطلبوا منزلة وراء منزلته. قال الأخفش : تقول العرب : فلان تقدّم بين يدي أبيه، وأُمّه، ويتقدّم إذا استبدّ بالأمر دونهما. ﴿ واتقوا الله ﴾ في تضييع حقّه، ومخالفة أمره. ﴿ إِنَّ الله سَمِيعٌ ﴾ لأقوالكم ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بأفعالكم، وأحوالكم.