بعد هذه المقدمة نعود إلى تفسير الآية، هذه الآية الكريمة تشير إلى ستة أقسام من آثار النظم الموجود في عالم الكون، وكل واحد آية تدل على وحدانية المبدأ الأكبر. ـ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ...)
من العلامات الدالة على ذات الله المقدسة وعلى قدرته وعلمه ووحدانيته، السماء وكرات العالم العلوي، أي هذه المليارات من الشموس المشرقة والنجوم الثابتة والسيارة، التي ترى بالعين المجردة أو بالتلسكوبات، ولا يمكن رؤية بعضها بأقوى أجهزة الإرصاد لبعدها الشاسع.... الشاسع للغاية، والتي تنتظم مع بعضها في نظام دقيق مترابط.
وهكذا الأرض بما على ظهرها من حياة، تتجلّى بمظاهر مختلفة وتتلبس بلباس آلاف الأنواع من النبات والحيوان.
ومن المدهش أن عظمة هذا العالم وسعته وامتداده تظهر أكثر كلما تقدّم العلم، ولا ندري المدى الذي سيبلغه العلم في فهم سعة هذا الكون!
يقول العلم لنا اليوم :
إن في السماء آلافاً مؤلفة من المجرات، ومنظومتنا الشمسية جزء من واحدة من المجرات، وفي مجرتنا وحدها مئات الملايين من الشموس والنجوم السّاطعة، وحسب دراسات العلماء يوجد بين هذه الكواكب مليون كوكب مسكون بمليارات الموجودات الحيّة!
حقاً ما أعظم هذا الكون! وما أعظم قدرة خالقه!!
(وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ...)
من الدّلائل الأخرى على ذاته المقدسة وصفاته المباركة تعاقب الليل والنهار، والظلمة والنور بنظام خاص، فينقص أحدهما بالتدريج ليزيد في الآخر، وما يتبع ذلك من تعاقب الفصول الأربعة، وتكامل النباتات وسائر الأحياء في ظل هذا التكامل.
لو انعدم هذا التغيير التدريجي، أو انعدم النظام في هذا التدريج، أو انعدم تعاقب الليل والنهار لانمحت الحياة من وجه الكرة الأرضية، ولو بقيت واستمرت ـ فرضاً ـ لأصابتها الفوضى والخبط
(وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْر بِمَا يَنْفَعُ النّاسَ)


الصفحة التالية
Icon