ومما يدل على كذبهم أن الأيام أزمنة مستمرة بعضها بعد بعض فلو كان بدأ خلقها بالأحد كما يزعمون لكان الزمان مخلوقا قبل الأيام مع أن الزمان لا ينفك عن الأجسام فيكون قبل خلق الأجسام لأن اليوم عبارة عن سير الشمس من طلوعها إلى غروبها وقبل خلق السموات والأرض ما كان شمس ولا قمر لأن اليوم يطلق ويراد به الوقت والحين وقد يعبر به عن مدة من الزمن أيّ مدة كانت فبطل قول اليهود وثبت التحريف في التوراة الموجودة الآن بين أيديهم وأن ما ينسبونه إلى اللّه من الاستراحة والاستلقاء محض زور وبهتان تعالى اللّه عنهما علوا كبيرا.
انتهت الآية المدنية.
قال تعالى "فَاصْبِرْ" يا حبيبي "عَلى ما يَقُولُونَ" فيك من التكذيب والبهتان فإني بالمرصاد لهم، يعلمون أنهم يجحدون آياتي بتكذبيك راجع الآية ٣٢ من الأنعام في ج ٢ وإنما أمره ربه بالصبر مع تطاولهم عليه الذي كاد أن يمحق صبره لأنه لم يؤمر بقتالهم بعد "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ" إنما أمره بالتسبيح فيه لأنه سيفرض عليه وعلى أمته فيه صلاة الصبح كما في أزله وكذلك الأمر في قوله "وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ٣٩" لأنه ستفرض فيه صلاة المغرب وقبله صلاتا الظهر والعصر "وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ" أيضا حيث يفرض فيه صلاة العشاءين وتسمى فيه النافلة والتهجد "وَأَدْبارَ السُّجُودِ ٤٠"


الصفحة التالية
Icon