لا يشغلنا شأن عن شأن، فاترك با أكمل الرسل كفار قومك ولا تجادلهم "نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ" من جحد البعث وانكار الآيات ولا يضرك تكذيبهم لك لأنك لم تؤمر بقتالهم "وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ" الآن "بِجَبَّارٍ" لأنك لم تسلط عليهم بعد وما أنت الآن إلا منذر ومبلغ "فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ ٤٥" لأن الذي لا يخشاه لا تنفعه الذكرى ولا تؤثر فيه الموعظة.
قال ابن عباس قالوا لو خوفتنا يا رسول اللّه، فنزلت هذه الآية مما يدل على أن هذه السورة لم تنزل دفعة واحدة فضلا عن الآية المدنية فيها.
هذا، وقد ذكرنا آنفا أن قرب المنادى قربا نسبيا على أنه يمكن ان يكون حقيقيا لأنه إذا كان المذياع يسمع كافة أطراف الأرض وما فيها بآن واحد بلا فرق بين البعيد والقريب منها، وهو من مصنوعات العبيد فلأن يسمع أهل البرزخ كلهم بوق اسرافيل كسماع رجل واحد من باب أولى، ولا تحديد لقدرة اللّه.
هذا، واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسان صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، والحمد للّه رب العالمين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ١ صـ ٢٥٦ ـ ٢٧٠﴾


الصفحة التالية
Icon