فصل
قال الفخر :
وقوله تعالى :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان﴾
فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون ابتداء استدلال بخلق الإنسان، وهذا على قولنا ﴿أَفَعَيِينَا بالخلق الأول﴾ [ ق : ١٥ ] معناه خلق السموات وثانيهما : أن يكون تتميم بيان خلق الإنسان، وعلى هذا قولنا ( الخلق الأول ) هو خلق الإنسان أول مرة، ويحتمل أن يقال هو تنبيه على أمر يوجب عودهم عن مقالهم، وبيانه أنه تعالى لما قال :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ كان ذلك إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية ويعلم ذوات صدورهم.
وقوله ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد ﴾.
بيان لكمال علمه، والوريد العرق الذي هو مجرى الدم يجري فيه ويصل إلى كل جزء من أجزاء البدن والله أقرب من ذلك بعلمه، لأن العرق تحجبه أجزاء اللحم ويخفى عنه، وعلم الله تعالى لا يحجب عنه شيء، ويحتمل أن يقال ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد﴾ بتفرد قدرتنا فيه يجري فيه أمرنا كما يجري الدم في عروقه.
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (١٧)