أي كثير المنافع شروع في بيان كيفية ما ذكر من إنبات كل زوج بهيج، وهو عطف على ﴿ أَنبَتْنَا ﴾ [ ق : ٧ ] وما بينهما على الوجهين الأخيرين اعتراض مقرر لما قبله ومنبه على ما بعده ﴿ فَأَنبَتْنَا بِهِ ﴾ أي بذلك الماء ﴿ جنات ﴾ كثيرة كما يقتضيه المقام أي أشجاراً ذات ثمار ﴿ وَحَبَّ الحصيد ﴾ أي حب الزرع الذي من شأنه أن يحصد من البر والشعير وأمثالهما، فالإضافة لما بينهما من الملابسة، و﴿ الحصيد ﴾ بمعنى المحصود صفة لموصوف مقدر كما أشرنا إليه فليس من قبيل مسجد الجامع ولا من مجاز الأول كما توهم، وتخصيص إنبات حبه بالذكر لأنه المقصود بالذات.
﴿ والنخل ﴾ عطف على ﴿ جنات ﴾ [ ق : ٩ ] وهي اسم جنس تؤنث وتذكر وتجمع، وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في الجنات لبيان فضلها على سائر الأشجار، وتوسيط الحب بينهما لتأكيد استقلالها وامتيازها عن البقية مع ما فيه من مراعاة الفواصل ﴿ باسقات ﴾ أي طوالاً أو حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت فيكون على هذا من أفعل فهو فاعل، والقياس مفعل فهو من النوادر كالطوائح واللواقح في أخوات لها شاذة ويافع من أيفع وباقل من أبقل، ونصبه على أنه حال مقدرة.
وروى قطبة بن مالك عن النبي ﷺ أنه قرأ ﴿ باصقات ﴾ بالصاد وهي لغة لبني العنبر يبدلون من السين صاداً إذا وليتها أو فصل بحرف أو حرفين خاء معجمة أو عين مهملة أو طاء كذلك أو قاف ﴿ باسقات لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ﴾ منضود بعضه فوق بعض، والمراد تراكم الطلع أو كثرة ما فيه من مادة الثمر، والجملة حال من النخل كباسقات بطريق الترادف أو من ضميرها في ﴿ باسقات ﴾ على التداخل، وجوز أن يكون الحال هو الجار والمجرور و﴿ طَلْعٌ ﴾ مرتفع به على الفاعلية، وقوله تعالى :
﴿ رّزْقاً لّلْعِبَادِ ﴾


الصفحة التالية
Icon