وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾
هذه آيات فيها إقامة حجج على الكفار في إنكارهم البعث والجزاء. والخلق : إنشاء الشيء على ترتيب وتقدير حكمي. و: ﴿ الإنسان ﴾ اسم الجنس. قال بعض المفسرين ﴿ الإنسان ﴾ هنا آدم عليه السلام و﴿ توسوس ﴾ معناه : تتحدث في فكرتها، وسمي صوت الحلي وسواساً لخفائه، والوسوسة إنما تستعمل في غير الخير، وقوله تعالى :﴿ نحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾ عبارة عن قدرة الله على العبد، وكون العبد في قبضة القدرة، والعلم قد أحيط به، فالقرب هو بالقدرة والسلطان، إذ لا ينحجب عن علم الله باطن ولا ظاهر، وكل قريب من الأجرام فبينه وبين قلب الإنسان حجب. و: ﴿ الوريد ﴾ عرق كبير في العنق، يقال : إنهما وريدان عن يمين وشمال. قال الفراء : هو ما بين الحلقوم والعلباوين وقال الحسن :﴿ الوريد ﴾ الوتين.
قال الأثرم : هو نهر الجسد هو في القلب الوتين، وفي الظهر الأبهر، وفي الذراع والفخذ : الأكحل والنسا وفي الخنصر : إلا سليم، " والحبل " : اسم مشترك فخصصه بالإضافة إلى ﴿ الوريد ﴾، وليس هذا بإضافة الشيء إلى نفسه بل هي كإضافة الجنس إلى نوعه كما تقول : لا يجوز حي الطير بلحمه.