" إن جلدة الكافر يصير في غلظها أربعون ذراعاً " ويعظم بدنه على هذه النسبة، وهذا كله من ملء جهنم وذهب الجمهور إلى أن الجبار اسم الله تعالى، وهذا هو الصحيح، فإن في الحديث الصحيح :" فيضع رب العالمين فيها قدمه " وتأويل هذا : ان القدم لها من خلقه وجعلهم في علمه ساكنيها، ومنه قول الله تعالى :﴿ وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ﴾ [ يونس : ٢ ] فالقدم هنا ما قدم من شيء ومنه قول الشاعر [ الوضاح الخصي ] :[ المنسرح ]
صل لربك واتخذ قدماً... ينجيك يوم العثار والزلل
ومنه قول العجاج :[ الرمل ]
وسنى الملك لملك ذي قدم... أي ذي شرف متقدم، وهذا التأويل مروي عن ابن المبارك وعن النضر بن شميل، وهو قول الأصوليين. وفي كتاب مسلم بن الحجاج : فيضع الجبار فيها رجله، ومعناه : الجمع الذي أعد لها يقال للجمع الكثير من الناس : رجل تشبيهاً برجل الجراد، قال الشاعر :
فمر بها رجل من الناس وانزوى... إليها من الحي اليمانين أرجل.
وملاك النظر في هذا الحديث : أن الجارحة والتشبيه وما جرى مجراه منتف كل ذلك فلم يبق إلا إخراج ألفاظ على هذه الوجوه السابقة في كلام العرب. و: ﴿ أزلفت ﴾ معناه : قربت، و: ﴿ غير بعيد ﴾ تأكيد وبيان أن هذا التقدير هو في المسافة، لأن قربت كان يحتمل أن معناه : بالوعد والإخبار، فرفع الاحتمال بقوله :﴿ غير بعيد ﴾.


الصفحة التالية
Icon