وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾
أي قربت منهم.
وقيل : هذا قبل الدخول في الدنيا ؛ أي قربت من قلوبهم حين قيل لهم اجتنبوا المعاصي.
وقيل : بعد الدخول قربت لهم مواضعهم فيها فلا تبعد.
"غَيْرَ بَعِيدٍ" أي منهم وهذا تأكيد.
﴿ هذا مَا تُوعَدُونَ ﴾ أي ويقال لهم هذا الجزاء الذي وعدتم في الدنيا على ألسنة الرسل.
وقراءة العامة "تُوعَدُونَ" بالتاء على الخطاب.
وقرأ ابن كثير بالياء على الخبر ؛ لأنه أتى بعد ذكر المتقين.
﴿ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴾ أوّاب أي رَجّاع إلى الله عن المعاصي، ثم يرجع ويذنب ثم يرجع، هكذا قاله الضحاك وغيره.
وقال ابن عباس وعطاء : الأوّاب المسبِّح من قوله :﴿ ياجبال أَوِّبِي مَعَهُ ﴾ [ سبأ : ١٠ ].
وقال الحكم بن عتيبة : هو الذاكر لله تعالى في الخلوة.
وقال الشعبي ومجاهد : هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها.
وهو قول ابن مسعود.
وقال عُبيد بن عُمير : هو الذي لا يجلس مجلساً حتى يستغفر الله تعالى فيه.
وعنه قال : كنا نحدّث أن الأوّاب الحفيظ الذي إذا قام من مجلسه قال سبحان الله وبحمده، اللهم إني أستغفرك مما أصبت في مجلسي هذا.
وفي الحديث :" من قال إذا قام من مجلسه سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك غفر الله له ما كان في ذلك المجلس " وهكذا كان النبيّ ﷺ يقول.
وقال بعض العلماء : أنا أحبّ أن أقول أستغفرك وأسألك التوبة، ولا أحبّ أن أقول وأتوب إليك إلا على حقيقته.
قلت : هذا استحسان واتباع الحديث أولى.
وقال أبو بكر الورّاق : هو المتوكل على الله في السراء والضراء.
وقال القاسم : هو الذي لا يشتغل إلا بالله عز وجل.
"حَفِيظٍ" قال ابن عباس : هو الذي حفظ ذنوبه حتى يرجع عنها.
وقال قتادة : حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته وأتمنه عليه.
وعن ابن عباس أيضاً : هو الحافظ لأمر الله.