والحبل : العرق الذي شبه بواحد الحبال، وإضافته إلى الوريد للبيان، كقولهم : بعير سانية.
أو يراد حبل العاتق، فيضاف إلى الوريد، كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد، والعامل في إذ أقرب.
وقيل : اذكر، قيل : ويحسن تقدير اذكر، لأنه أخبر خبراً مجرداً بالخلق والعلم بخطرات الأنفس، والقرب بالقدرة والملك.
فلما تم الإخبار، أخبر بذكر الأحوال التي تصدق هذا الخبر، وتعين وروده عند السامع.
فمنها :﴿ إذ يتلقى المتلقيان ﴾، ومنها مجيء سكرة الموت، ومنها : النفخ في الصور، ومنها : مجيء كل نفس معها سائق وشهيد.
والمتلقيان : الملكان الموكلان بكل إنسان ؛ ملك اليمين يكتب الحسنات، وملك الشمال يكتب السيئآت.
وقال الحسن : الحفظة أربعة، اثنان بالنهار واثنان بالليل.
وقعيدة : مفرد، فاحتمل أن يكون معناه : مقاعد، كما تقول : جليس وخليط : أي مجالس ومخالط، وأن يكون عدل من فاعل إلى فعيل للمبالغة، كعليم.
قال الكوفيون : مفرد أقيم مقام اثنين، والاجود أن يكون حذف من الأول لدلالة الثاني عليه، أي عن اليمين قعيد، كما قال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي...
بريئاً ومن أجل الطوى رماني
على أحسن الوجهين فيه، أي كنت منه برياً، ووالدي برياً.
ومذهب المبرد أن التقدير عن اليمين قعيد، وعن الشمال، فأخر قعيد عن موضعه.
ومذهب الفراء أن لفظ قعيد يدل على الاثنين والجمع، فلا يحتاج إلى تقدير.
وقرأ الجمهور :﴿ ما يلفظ من قول ﴾، وظاهر ما يلفظ العموم.
قال مجاهد، وأبو الحواراء : يكتب عليه كل شيء حتى أنينه في مرضه.
وقال الحسن، وقتادة : يكتبان جميع الكلام، فيثبت الله تعالى من ذلك الحسنات والسيئات، ويمحو غير ذلك.
وقيل : هو مخصوص، أي من قول خير أو شر.
وقال : معناه عكرمة، وما خرج عن هذا لا يكتب.
واختلفوا في تعيين قعود الملكين، ولا يصح فيه شيء.
﴿ رقيب ﴾ : ملك يرقب.