فلما كشف الغطاء عنك، احتدّ بصرك : أي بصيرتك ؛ وهذا كما تقول : فلان حديد الذهن.
وقال مجاهد : هو بصر العين، أي احتدّ التفاته إلى ميزانه وغير ذلك من أهوال القيامة.
وعن زيد بن أسلم قول في هذه الآية يحرم نقله، وهو في كتاب ابن عطية.
وكنى بالغطاء عن الغفلة، كأنها غطت جميعه أو عينيه، فهو لا يبصر.
فإذا كان في القيامة، زالت عنه الغفلة، فأبصر ما كان لم يبصره من الحق.
﴿ وقال قرينه ﴾ : أي من زبانية جهنم، ﴿ هذا ﴾ : العذاب الذي لدي لهذا الإنسان الكافر، ﴿ عتيد ﴾ : حاضر، ويحسن هذا القول إطلاق ما على ما لا يعقل.
وقال قتادة : قرينه : الملك الموكل بسوقه، أي هذا الكافر الذي أسوقه لديّ حاضر.
وقال الزهراوي : وقيل قرينه : شيطانه، وهذا ضعيف، وإنما وقع فيه أن القرين في قوله :﴿ ربنا ما أطغيته ﴾ هو شيطانه في الدنيا ومغويه بلا خلاف.
ولفظ القرين اسم جنس، فسائقه قرين، وصاحبه من الزبانية قرين، ومماشي الإنسان في طريقة قرين.
وقيل : قرينه هنا : عمله قلباً وجوارحاً.
وقال الزمخشري : وقال قرينه : هو الشيطان الذي قيض له في قوله ﴿ نقيض له شيطاناً فهو له قرين ﴾ يشهد له قوله تعالى :﴿ قال قرينه ربنا ما أطغيته ﴾، ﴿ هذا ما لدي عتيد ﴾، هذا شيء لدي، وفي ملكتي عتيد لجهنم.
والمعنى : أن ملكاً يسوقه، وآخر يشهد عليه، وشيطاناً مقروناً به يقول : قد أعتدته لجهنم وهيأته لها بإغواي وإضلالي.
انتهى، وهذا قول مجاهد.
وقال الحسن، وقتادة أيضاً : الملك الشهيد عليه.
وقال الحسن أيضاً : هو كاتب سيئاته، وما نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد وموصولة، والظرف صلتها.
وعتيد، قال الزمخشري : بدل أو خير بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف. انتهى.
وقرأ الجمهور : عتيد بالرفع ؛ وعبد الله : بالنصب على الحال، والأولى إذ ذاك أن تكون ما موصولة.
﴿ ألقيا في جهنم ﴾ : الخطاب من الله للملكين : السائق والشهيد.


الصفحة التالية
Icon