وقيل : هو الحافظ لتوبته من النقض ولا ينافيه صيغة ﴿ أَوَّابٌ ﴾ كما لا يخفى.
وقوله تعالى شأنه :
﴿ مَّنْ خَشِىَ الرحمن بالغيب وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾
بدل من ﴿ كل ﴾ [ ق : ٣٢ ] المبدل من المتقين أو بدل ثان من ﴿ المتقين ﴾ [ ق : ٣١ ] بناء على جواز تعدد البدل والمبدل منه واحد.
وقول أبي حيان : تكرر البدل والمبدل منه واحد لا يجوز في غير بدل البداء، وسره أنه في نية الطرح فلا يبدل منه مرة أخرى غير مسلم، وقد جوزه ابن الحاجب في أماليه، ونقله الدماميني في أول شرحه للخزرجية وأطال فيه، وكون المبدل منه في نية الطرح ليس على ظاهره، أو بدل من موصوف ﴿ أَوَّابٌ ﴾ [ ق : ٣٢ ] أي لكل شخص أواب بناء على جواز حذف المبدل منه، وقد جوزه ابن هشام في "المغنى" لا سيما وقد قامت صفته مقامه حتى كأنه لم يحذف ولم يبدل من ﴿ أَوَّابٌ ﴾ نفسه لأن أواباً صفة لمحذوف كما سمعت فلو أبدل منه كان للبدل حكمه فيكون صفة مثله، و﴿ مِنْ ﴾ اسم موصول والأسماء الموصولة لا يقع منها صفة إلا الذي على الأصح، وجوز بعض الوصف بمن أيضاً لكنه قول ضعيف أو مبتدأ خبره.
﴿ ادخلوها ﴾ بتأويل يقال لهم ادخلوها لمكان الإنشائية والجمع باعتبار معنى ﴿ من ﴾ [ ق : ٣٣ ] وقوله تعالى ﴿ بالغيب ﴾ [ ق : ٣٣ ] متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ﴿ خَشِىَ ﴾ أو من مفعوله أو صفة لمصدره أي خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه سبحانه وهو غائب عنه أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد، وقيل : الباء للآلة، والمراد بالغيب القلب لأنه مستور أي من خشي الرحمن بقلبه دون جوارحه بأن يظهر الخشية وليس في قلبه منها شيء وليس بشيء.


الصفحة التالية
Icon