﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ قرأ الجمهور ﴿ نقول ﴾ بالنون، وقرأ نافع وأبو بكر بالياء، وقرأ الحسن :( أقول ).
وقرأ الأعمش :( يقال )، والعامل في الظرف ﴿ مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ ﴾، أو محذوف أي : اذكر، أو أنذرهم، وهذا الكلام على طريقة التمثيل والتخييل، ولا سؤال ولا جواب، كذا قيل، والأولى أنه على طريقة التحقيق، ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع.
قال الواحدي : قال المفسرون : أراها الله تصديق قوله :﴿ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ ﴾ [ هود : ١١٩ ] فلما امتلأت قال لها :﴿ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ أي : قد امتلأت ولم يبق في موضع لم يمتلىء، وبهذا قال عطاء، ومجاهد، ومقاتل بن سليمان.
وقيل : إن هذا الاستفهام بمعنى الاستزادة، أي : إنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها.
وقيل : إن المعنى أنها طلبت أن يزاد في سعتها ؛ لتضايقها بأهلها، والمزيد إما مصدر كالمحيد، أو اسم مفعول كالمنيع، فالأول بمعنى هل من زيادة؟ والثاني بمعنى هل من شيء تزيدونيه؟ ثم لما فرغ من بيان حال الكافرين شرع في بيان حال المؤمنين، فقال :﴿ وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ أي : قربت للمتقين تقريباً غير بعيد، أو مكان غير بعيد منهم بحيث يشاهدونها في الموقف، وينظرون ما فيها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويجوز أن يكون انتصاب ﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ على الحال.
وقيل المعنى : أنها زينت قلوبهم في الدنيا بالترغيب والترهيب، فصارت قريبة من قلوبهم، والأوّل أولى.
والإشارة بقوله :﴿ هذا مَا تُوعَدُونَ ﴾ إلى الجنة التي أزلفت لهم على معنى : هذا الذي ترونه من فنون نعيمها ما توعدون، والجملة بتقدير القول، أي : ويقال لهم : هذا ما توعدون.


الصفحة التالية
Icon