وقال بعض العلماء : لا يكتب من الأعمال إلا ما فيه ثواب أو عقاب، وكلهم مجمعون على أنه لا جزاء إلا فيما فيه ثواب أو عقاب فالذين يقولون : لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب، والذين يقولون يكتب الجميع متفقون على إسقاط ما لا ثواب فيه ولا عقاب، إلا أن بعضهم يقولون لا يكتب أصلاً، وبعضهم يقولون : يكتب أولاً ثم يمحى. وزعم بعضهم أن محو ذلك، وإثبات ما فيه ثواب أو عقاب هو معنى قوله تعالى :﴿ وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ﴾ [ الكهف : ٧٩ ] أي كل سفينة صحيحة لا عيب فيها بدليل قوله ﴿ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا ﴾ [ الكهف : ٧٩ ] وقوله تعالى :﴿ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القيامة ﴾ [ الإسراء : ٥٨ ] الآية : القرية ظالمة بدليل قوله تعالى :﴿ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القرى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ [ القصص : ٥٩ ]، وأن من شواهده قول المرقش الأكبر :
ورب أسيلة الخدين بكر... مفهفة لها فرع وجيد
أي لها فرع فاحكم وجيد طويل. وقول عبيد بن الأبرص :
من قوله قول ومن فعله... فعل ومن نائله نائل
أي قول فصل، وفعل جميل، ونائل جزل.
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة النمل في الكلام على قوله :﴿ بَلِ ادارك عِلْمُهُمْ فِي الآخرة بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ﴾ [ النمل : ٦٦ ].
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)


الصفحة التالية
Icon