صفا الارتياض وانجلت عنه ظلمات الطبع وغاب بمشهوده عن شهوده واستولت عليه أحكام القلب بل أحكام الروح ظن أنه الذي ظهر له في الخارج ولا تأخذه في ذلك لومة لائم ولو جاءته كل آية في السموات والأرض وذلك عنده بمنزلة من عاين الهلال ببصره جهرة فلو قال له أهل السموات والأرض لم تره لم يلتفت إليهم ولعمر الله إنا لا نكذبه فيما أخبر به عن رؤيته ولكن إنما نوقن أنه إنما رأى صورة معتقده في ذاته ونفسه لا الحقيقة في الخارج فهذا أحد الغلطين وسببه قوة ارتباط حاسة البصر بالقلب فالعين مرآة القلب شديدة الاتصال به وتنضم إلى ذلك قوة الاعتقاد وضعف التمييز وغلبة حكم الهوى والحال على العلم وسماعه من القوم أن العلم حجاب والغلط الثاني ظن أن الأمر كما اعتقده وأن ما في الخارج مطابق لاعتقاده فيتولد من هذين الغلطين مثل هذا الكشف والشهود ولقد أخبر صادق الملاحدة القائلين بوحدة الوجود أنهم كشف لهم أن الأمر كما قالوه وشهدوه في الخارج كذلك عيانا وهذا الكشف والشهود ثمرة اعتقادهم ونتيجته فهذه إشارة ما إلى الفرقان في هذا الموضع والله أعلم.

فصل قال وهي على ثلاث درجات الدرجة الأول مشاهدة معرفة تجري فوق.


حدود العلم في لوائح نور الوجود منيخة بفناء الجمع.


الصفحة التالية
Icon