﴿ مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ ﴾ كثيرُ المنعِ للمالِ عنْ حقوقِه المفروضةِ وقيلَ : المرادُ بالخيرِ الإسلامُ فإنَّ الآيةَ نزلتْ في الوليدِ بْنِ المغيرةِ لما منعَ بَنِي أخيهِ منهُ ﴿ مُعْتَدٍ ﴾ ظالمٌ متخطَ للحقِّ ﴿ مُرِيبٍ ﴾ شاكٌّ في الله وفي دينِه ﴿ الذى جَعَلَ مَعَ الله إلها ءاخَرَ ﴾ مبتدأٌ متضمنٌ لمْعنى الشرطِ خبرُهُ ﴿ فألقياه فِى العذاب الشديد ﴾ أو بدلٌ منْ كُلِّ كفار، وقولُه تعالَى :﴿ فألقياه ﴾ تكريرٌ للتوكيدِ أو مفعولٌ لمضمرٍ يفسرُهُ فألقياهُ. ﴿ قَالَ قرِينُهُ ﴾ أيِ الشيطانُ المقيضُ لَهُ وإنما استؤنفَ استئنافَ الجملِ الواقعةِ في حكايةِ المقاولةِ لما أنه جوابٌ لمحذوفٍ دلَّ عليهِ قولُه تعالَى ﴿ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ﴾ فإنُه منبىءٌ عن سابقةِ كلامٍ اعتذرَ بهِ الكافرُ كأنَّه قالَ هُو أطغانِي فأجابَ قرينُهُ بتكذيبهِ، وإسنادُ الطغيانِ إليهِ بخلافِ الجملةِ الأُولى فإنَّها واجبةُ العطفِ عَلَى ما قبلَها دلالةٌ على أَنَّ الجمعَ بينَ مفهوميهِما في الحصولِ أعنِي مجيءَ كُلَّ نفسٍ معَ الملكينِ وقولَ قرينهِ ﴿ وَلَكِن كَانَ ﴾ هُو بالذاتِ ﴿ فِى ضلال بَعِيدٍ ﴾ من الحقِّ فأعنتُه عليهِ بالإغواءِ والدعوةِ إليهِ منْ غيرِ قسرٍ وإلجاءٍ كما فِي قولِه تعالَى :﴿ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِى. ﴾ ﴿ قَالَ ﴾ استئنافٌ مبنيٌّ علَى سؤالٍ نشأَ مما قبلَهُ كأنَّه قيلَ : فماذَا قالَ الله تعالَى فقيلَ قالَ ﴿ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ ﴾ أيْ في موقفِ الحسابِ والجزاءِ إذْ لا فائدةَ في ذلكَ ﴿ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد ﴾ عَلى الطغيانِ في دارِ الكسبِ في كُتبي وعَلى ألسنةِ رسلِي فلا تطمعُوا في الخلاصِ عَنْهُ بما أنتُم فيهِ من التعللِ بالمعاذيرِ الباطلةِ، والجملةُ حالٌ فيَها تعليلٌ للنَّهِي عَلى مَعْنى لا تختصمُوا وقَدْ صحَّ عندكُم أنِّي قدمتُ إليكمْ بالوعيدِ حيثُ