ولما كان المقصود تعليل إلقائه بوصف يعم غيره ليكون لطفاً لمن أراد الله عصمته ممن سمع هذا المقال وحجة على من أراد الله إهانته :﴿كل كفار عنيد﴾ أي مبالغ في ستر الحق والمعاداة لأهله من غير حجة حمية وأنفة نظراً إلى استحسان ما عنده والثبات عليه تجبراً وتكبراً على ما عند غيره ازدراء له كائناً من كان ﴿مناع﴾ أي كثير المنع ﴿للخير﴾ من ﴿مريب﴾ أي داخل في الريب وهو الشك والتهمة في أمر الدين، وموقع غيره فيه، ثم أبدل من " كل " قوله بياناً لمبالغته في الكفر الذي أوجب له كل شر ﴿الذي جعل﴾ كفراً مضاعفاً وعناداً ومنعاً للخير الذي يجب عليه في قلبه ولسانه وبدنه، وتجاوزاً للحدود دخولاً في الشك وإدخالاً لغيره فيه ﴿مع الله﴾ أي الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال، فليس أمره خفياً عن كل ذي عقل ﴿إلهاً ﴾.
ولما كان ربما تعنت متعنت فنزل الآية على من يدعو الله بغير هذا الاسم الأعظم، صرح بالمراد بقوله :﴿آخر﴾ وزاد الكلام أنه مأخوذ من التأخر الناظر إلى الرداءة والسقوط عن عين الاعتبار بالكلية.
ولما كان هذا قد جحد الحق الواجب لله لذاته مع قطع النظر عن كل شيء ثم ما يجب له من جهة ربوبيته وإنعامه على كل موجود، ثم من جهة إدامة إحسانه مع المعصية بالحلم، وعاند في ذلك وفي إثباته للغير ما لا يصح له بوجه من الوجوه، سبب عن وصفه قوله :﴿فألقياه في العذاب﴾ أي الذي يزيل كل عذوبة ﴿الشديد ﴾.


الصفحة التالية
Icon