﴿إِنَّ رَحْمَةَ الله قَرِيبٌ﴾ [ الأعراف : ٥٦ ] إجراء لفعيل بمعنى فاعل مجرى فعيل بمعنى مفعول.
الثالث : أن يقال ﴿غَيْرِ﴾ منصوب نصباً على المصدر على أنه صفة مصدر محذوف تقديره : أزلفت الجنة إزلافاً غير بعيد، أي عن قدرتنا فإنا قد ذكرنا أن الجنة مكان، والمكان لا يقرب وإنما يقرب منه، فقال : الإزلاف غير بعيد عن قدرتنا فإنا نطوي المسافة بينهما.
هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢)
ثم قال تعالى :﴿هذا مَا تُوعَدُونَ﴾ قال الزمخشري : هي جملة معترضة بين كلامين وذلك لأن قوله تعالى :﴿لِكُلّ أَوَّابٍ﴾ بدل عن المتقين كأنه تعالى قال :( أزلفت الجنة للمتقين لكل أواب ) كما في قوله تعالى :﴿لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ﴾ [ الزخرف : ٣٣ ] غير أن ذلك بدل الاشتمال وهذا بدل الكل وقال :﴿هذا﴾ إشارة إلى الثواب أي هذا الثواب ما توعدون أو إلى الإزلاف المدلول عليه بقوله :﴿أُزْلِفَتْ﴾ [ ق : ٣١ ] أي هذا الإزلاف ما وعدتم به، ويحتمل أن يقال هو كلام مستقل ووجهه أن ذلك محمول على المعنى لا ما يوعد به يقال للموعود هذا لك وكأنه تعالى قال هذا ما قلت إنه لكم.
ثم قال تعالى :﴿لِكُلّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ بدلاً عن الضمير في ﴿تُوعَدُونَ﴾، وكذلك إن قرىء بالياء يكون تقديره هذا لكل أواب بدلاً عن الضمير، والأواب الرجاع، قيل هو الذي يرجع من الذنوب ويستغفر، والحفيظ الحافظ للذي يحفظ توبته من النقض.