ثانيها : ينادي ﴿أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ [ ق : ٢٤ ] مع قوله :﴿أدخلوها بسلام﴾ [ ق : ٣٤ ] ومثله قوله تعالى :﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾ [ الحاقة : ٣٠ ] يدل على هذا قوله تعالى :﴿يَوْمَ يُنَادِ المناد مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [ ق : ٤١ ] وقال :﴿وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [ سبأ : ٥١ ].
ثالثها : غيرهما لقوله تعالى :﴿يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِى﴾ وغير ذلك، وأما على قولنا المنادي غير الله ففيه وجوه أيضاً.
أحدها : قول إسرافيل : أيتها العظام البالية اجتمعوا للوصل واستمعوا للفصل.
ثانيها : النداء مع النفس يقال للنفس ارجعي إلى ربك لتدخلي مكانك من الجنة أو النار.
ثالثها : ينادي مناد هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار، كما قال تعالى :﴿فَرِيقٌ فِى الجنة وَفَرِيقٌ فِى السعير﴾ [ الشورى : ٧ ] وعلى قولنا المنادي هو المكلف فيحتمل أن يقال هو ما بين الله تعالى في قوله :﴿وَنَادَوْاْ يامالك﴾ [ الزخرف : ٧٧ ] أو غير ذلك إلا أن الظاهر أن المراد أحد الوجهين الأولين، لأن قوله المنادي للتعريف وكون الملك في ذلك اليوم منادياً معروف عرف حاله وإن لم يجر ذكره، فيقال : قال ﷺ وإن لم يكن قد سبق ذكره، وأما أن الله تعالى مناد فقد سبق في هذه السورة في قوله :﴿أَلْقِيَا﴾ [ ق : ٢٤ ] وهذا نداء، وقوله :﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ﴾ [ ق : ٣٠ ] وهو نداء، وأما المكلف ليس كذلك، وقوله تعالى :﴿مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ إشارة إلى أن الصوت لا يخفى على أحد بل يستوي في استماعه كل أحد وعلى هذا فلا يبعد حمل المنادي على الله تعالى إذ ليس المراد من المكان القريب نفس المكان بل ظهور النداء وهو من الله تعالى أقرب، وهذا كما قال في هذه السورة :﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد﴾ [ ق : ١٦ ] وليس ذلك بالمكان.
ثم قال تعالى :