قلت : وقد زادت السنة هذه الآية بياناً ؛ فروى الترمذي عن معاوية بن حَيْدة " عن النبيّ ﷺ في حديث ذكره، قال وأشار بيده إلى الشام فقال :"من هاهنا إلى هاهنا تحشرون ركباناً ومشاة وتُجرُّون على وجوهكم يوم القيامة على أفواهكم الفِدَام تُوفُون سبعين أمة أنتم خيرهم وأكرمهم على الله وإن أول ما يعرب عن أحدكم فخذه" " في رواية أخرى " فخذه وكفّه " وخرّج عليّ بن معبد عن أبي هريرة " عن النبيّ ﷺ في حديث ذكره : ثم يقول يعني الله تعالى لإسرافيل :"انفخ نفخة البعث فينفخ فتخرج الأرواح كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله عز وجل وعزتي وجلالي ليرجعنّ كلّ رُوح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد ثم تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض فتخرجون شباباً كلكم أبناء ثلاث وثلاثين واللسان يومئذ بالسريانية" " وذكر الحديث، وقد ذكرنا جميع هذا وغيره في "التذكرة" مستوفى والحمد لله.
قوله تعالى :﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ أي من تكذيبك وشتمك.
﴿ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ أي بمسلَّط تجبرهم على الإسلام ؛ فتكون الآية منسوخة بالأمر بالقتال.
والجبّار من الجبرِية والتسلّط إذ لا يقال جبّار بمعنى مُجبِر، كما لا يقال خرّاج بمعنى مُخرِج ؛ حكاه القشيري.
النحاس : وقيل معنى جبّار لست تُجبِرهم، وهو خطأ لأنه لا يكون فَعّال من أفعل.
وحكى الثعلبي : وقال ثعلب قد جاءت أحرف فَعّال بمعنى مُفعِل وهي شاذة، جبّار بمعنى مُجبِر، ودرّاك بمعنى مُدرِك، وسَرّاع بمعنى مُسرِع، وبَكّاء بمعنى مُبكٍ، وعدَّاء بمعنى مُعدٍ.
وقد قرىء ﴿ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرشاد ﴾ [ غافر : ٢٩ ] بتشديد الشين بمعنى المرشد وهو موسى.
وقيل : هو الله.


الصفحة التالية
Icon