هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحلّ والحرم
فقال :
يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
وتبعه أبو تمام :
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه لخرّ يلثم منه موطئ القدم
وأخذه البحتري وأجاد :
فلو أن مشتاقا تكلف فوق ما في سعة لسعى إليك المنبر
ونهج المتنبي هذا النهج بقوله :
لو تعقل الشجر التي قابلتها مدّت محيّية إليك الأغصنا
أما في الجاهلية فقد ورد هذا المعنى في قول عنترة واصفا فرسه من معلقته :
فازور من وقع القنا بلبانه وشكا إليّ بعبرة وتحمحم
هذا ولا يفوتنّك ما في هذه الاستعارة من جمال التخييل الحسّي والتجسيم لجهنم المتغيظة والنهمة التي لا تشبع وقد تهافت عليها أولئك
الذين كانوا يصمّون في دنياهم آذانهم عن الدعوة إلى الهدى، ويصرّون على غيّهم ولجاجهم وها هم الآن يستجيبون لدعوتها مرغمين.
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٣١ إلى ٣٧]
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥)
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)
اللغة :
(وَأُزْلِفَتِ) وقربت تقول أزلفه : قربه وأزلف الأشياء : جمعها وأزلف الدليل القوم : حملهم على التقدم، وأزعجهم مزلفة بعد مزلفة أي مرحلة بعد مرحلة.