وفي "الكشاف" أنها أقرب إليها باقنين عشر ميلاً وهي وسط الأرض، وأنت تعلم أن مثل هذا لا يقبل إلا بوحي، ثم إن كونها وسط الأرض مما تأباه القواعد في معرفة العروض والأطوال، ومن هنا قيل : المراد قريب ممن يناديهم فقيل : ينادي من تحت أقدامهم، وقيل : من منابت شعورهم فيسمع من كل شعرة يا أيتها العظام النخرة الخ، ومن الناس من قال : المراد بقربه كون النداء منه لا يخفى على أحد بل يستوي في سماعه كل أحد، والنداء في كل ذلك على حقيقته، وجوز أن يكون في الإعادة نظير كن في الابتداء على المشهور فهو تمثيل لإحياء الموتى بمجرد الإرادة ولا نداء ولا صوت حقيقة، ثم إن ما ذكرناه من أن المنادي ملك وأنه ينادي بما سمعت هو المأثور، وجوز أن يكون نداؤه بقوله للنفس : ارجعي إلى ربك لتدخلن مكانك من الجنة أو النار أو هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار، وأن يكون المنادى هو الله تعالى ينادي ﴿ احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم ﴾ [ الصافات : ٢٢ ] أو ﴿ أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [ ق : ٢٤ ] مع قوله تعالى :﴿ ادخلوها بِسَلامٍ ﴾ [ ق : ٣٤ ] أو ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴾ [ الحاقة : ٣٠ ] أو ﴿ أَيْنَ شُرَكَائِىَ ﴾ [ النحل : ٢٧ ] أو غير ذلك، وأن يكون غيره تعالى وغير الملك من المكلفين ينادي ﴿ يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾ [ الزخرف : ٧٧ ] أو ﴿ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الماء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله ﴾ [ الأعراف : ٥٠ ] أو غير ذلك، والمعول عليه ما تقدم.


الصفحة التالية
Icon