قال الفراء : وهذا جائز في العربية، تقول : ما لك قلب وما قلبك معك، أي : ما لك عقل وما عقلك معك، وقيل : المراد : القلب نفسه ؛ لأنه إذا كان سليماً أدرك الحقائق وتفكر كما ينبغي.
وقيل : لمن كان له حياة ونفس مميزة فعبر عن ذلك بالقلب ؛ لأنه وطنها ومعدن حياتها، ومنه قول امرىء القيس :
أغرّك مني أن حبك قاتلي... وأنك مهما تأمري النفس تفعل
﴿ أَوْ أَلْقَى السمع ﴾ أي : استمع ما يقال له، يقال : ألق سمعك إليّ، أي : استمع مني، والمعنى : أنه ألقى السمع إلى ما يتلى عليه من الوحي الحاكي لما جرى على تلك الأمم.
قرأ الجمهور ﴿ ألقى ﴾ مبنياً للفاعل.
وقرأ السلمي، وطلحة، والسديّ على البناء للمفعول، ورفع " السمع " ﴿ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ أي : حاضر الفهم، أو حاضر القلب ؛ لأن من لا يفهم في حكم الغائب وإن حضر بجسمه، فهو لم يحضر بفهمه.
قال الزجاج : أي : وقلبه حاضر فيما يسمع.
قال سفيان : أي : لا يكون حاضراً وقلبه غائب.
قال مجاهد، وقتادة : هذه الآية في أهل الكتاب، وكذا قال الحسن.
وقال محمد بن كعب، وأبو صالح : إنها في أهل القرآن خاصة.
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السموات والارض وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ قد تقدّم تفسير هذه الآية في سورة الأعراف، وغيرها.
﴿ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾ اللغوب : التعب والإعياء، تقول : لغب يلغب بالضم لغوباً.
قال الواحدي : قال جماعة المفسرين : إن اليهود قالوا : خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، أوّلها الأحد وآخرها الجمعة، واستراح يوم السبت، فأكذبهم الله تعالى بقوله :﴿ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾.