وتنوين ﴿ مكان قريب ﴾ للنوعية إذ لا يتعلق الغرض بتعيينه، ووصفه بـ ﴿ قريب ﴾ للإشارة إلى سرعة حضور المنادين، وهو الذي فسرته جملة ﴿ يوم يسمعون الصيحة بالحق ﴾ لأن المعروف أن النداء من مكان قريب لا يخفى على السامعين بخلاف النداء من كان بعيد.
و﴿ بالحق ﴾ بمعنى : بالصدق وهو هنا الحشر، وصف ﴿ بالحق ﴾ إبطالاً لزعم المشركين أنه اختلاق.
والخروج : مغادرة الدار أو البلدِ، وأطلق الخروج على التجمع في المحشر لأن الحَيَّ إذا نَزَحُوا عن أرضهم قيل : خرجوا، يقال : خرجوا بقَضِّهم وقضيضهم.
واسم الإشارة جيء به لتهويل المشار إليه وهو ﴿ يوم يسمعون الصيحة بالحق ﴾ فأريد كمال العناية بتمييزه لاختصاصه بهذا الخبر العظيم.
ومقتضى الظاهر أن يقال : هو يوم الخروج.
و﴿ يوم الخروج ﴾ علم بالغلبة على يوم البعث، أي الخروج من الأرض.
وجملة ﴿ إنا نحن نحي ونميت وإلينا المصير ﴾ تذييل، أي هذا الإحياء بعد أن أمَتْنَاهُم هو من شؤوننا بأنا نحييهم ونحيي غيرهم ونميتهم ونميت غيرهم.
والمقصود هو قوله :﴿ ونميت ﴾، وأما قوله :﴿ نحيي ﴾ فإنه لاستيفاء معنى تصرف الله في الخلق.
وتقديم ﴿ إلينا ﴾ في ﴿ إلينا المصير ﴾ للاهتمام.
والتعريف في ﴿ المصير ﴾ إما تعريف الجنس، أي كل شيء صائر إلى ما قدرناه له وأكبر ذلك هو ناموس الفناء المكتوب على جميع الأحياء وإما تعريف العهد، أي المصير المتحدث عنه، وهو الموت لأن المصير بعد الموت إلى حكم الله.


الصفحة التالية
Icon