﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْم نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ ﴾ والرسّ : بئر دون اليمامة، وإن عليها قوماً كذبوا رسلهم، فأهلكهم الله تعالى ﴿ وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وإخوان لُوطٍ ﴾ يعني : قومه ﴿ وَثَمُودُ وَقَوْمُ ﴾ يعني : قوم شعيب ﴿ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ ﴾ يعني : قوم حمير.
ويقال : تبع كان اسم ملك.
وروى وكيع عن عمران بن جرير، عن أبي مجلز قال : جاء عبد الله بن عباس إلى عبد الله بن سلام، فسأله عن تبع، فقال : كان تبع رجلاً من العرب، ظهر على الناس، وسبا على فتية من الأحبار.
فكان يحدثهم، ويحدثونه.
فقال قومه : إن تبعاً ترك دينكم، وتابع الفتية.
فقال : تبع للفتية : ألا ترون إلى ما قال هؤلاء.
فقالوا : بيننا وبينهم النار التي تحرق الكاذب، وينجو منها الصادق.
قال : نعم.
فقال تبع للفتية : ادخلوه، فتقلدوا مصاحفهم.
ثم دخلوها، فانفرجت لهم حتى قطعوها.
ثم قال لقومه : ادخلوها.
فلما دخلوا، وجدوا حر النار كفوا.
فقال لهم : لتدخلنها، فدخلوها.
فلما توسطوا، أحاطت بهم النار، فأحرقتهم، وأسلم تبع وكان رجلاً صالحاً.
ويقال : كان اسمه سعد بن ملكي كرب، وكنيته : أبو كرب.
﴿ كُلٌّ كَذَّبَ الرسل ﴾ يعني : جميع هؤلاء كذبوا رسلهم ﴿ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴾ يعني : وجب عليهم عذابي.
معناه : فاحذروا يا أهل مكة مثل عذاب الأمم الخالية، فلا تكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال عز وجل :﴿ أَفَعَيِينَا بالخلق الاول ﴾ قال مقاتل : يعني : أعجزنا عن الخلق الأول حين خلقناهم، ولم يكونوا شيئاً.
فكذلك نخلقهم، ونبعثهم.
أي : ما عيينا عن ذلك، فكيف نعيي عن بعثهم.
ويقال : معناه أعيينا خلقهم الأول، ولم يكونوا شيئاً، لأن الذي قد كان، فإعادته أيسر في رأي العين من الابتداء.
يقال : عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه.
وقال الزجاج : هذا تقرير تقرر، لأنهم اعترفوا في الابتداء، أن الله عز وجل خلقهم، ولم يكونوا شيئاً.