" وَإيَّايْ وَلَكِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلاَ يَأمُرُنِي إلاَّ بِخَيرٍ " وعن الربيع، عن أنس، قال : سألت أبا العالية عن قوله عز وجل :﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [ الزمر : ٣١ ] وهاهنا يقول :﴿ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ ﴾ فقال : لا تختصموا لدي في أهل النار، والأخرى في المؤمنين في المظالم، فيما بينهم، وقال مجاهد :﴿ مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ وَمَآ أَنَاْ بظلام لِّلْعَبِيدِ ﴾ [ ق : ٢٩ ] يعني : لقد قضيت ما أنا قاض قوله عز وجل :﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ ﴾ قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر ﴿ يِقُولُ ﴾ بِاليَاء يعني : يقول الله تعالى، قرأ الباقون بالنون، ومعناه كذلك يوم صار نصباً على معنى مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ في ذلك اليوم، ويقال على معنى أنذرهم يوم، كقوله :﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة إِذْ قُضِىَ الأمر وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ مريم : ٣٩ ] ثم قال ﴿ هَلِ امتلات ﴾ يعني : هل أوفيتك ما وعدتك، وهو قوله لأَملأن جَهَنَّمَ ﴿ فَتَقُولُ ﴾ النار ﴿ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ يعني : هل من زيادة وقال عطية : هل من موضع، ويقال معناه هل امتلأت، أي قد امتلأت، فليس من مزيد، ويقال : أنا طلبت الزيادة تغيظاً لمن فيها، وروى وكيع بإسناده عن أبي هريرة قال :" لا تَزَالُ جَهَنَّمَ تَسَأَل الزِّيَادَة حتى يضع الله فيها قدمه فَتَقُولُ جَهَنَّمَ يَا رَبَّ قط قط " أي حسبي حسبي، وقال في رواية الكلبي نحو هذا، ويقال تضيق بأهلها حتى لا يكون فيها مدخل لرجل واحد.
قال أبو الليث : قد تكلم الناس في مثل هذا الخبر قال بعضهم : نؤمن به ولا نفسره، وقال بعضهم : نفسره على ما جاء بظاهر لفظه، وتأوله بعضهم وقال : معنى الخبر بكسر القاف يضع قدمه وهم أقوام سالفة فتمتلىء بذلك.


الصفحة التالية
Icon