ثم قال عز وجل :﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ يعني : ينظرون إليها قبل دخولها، ويقال غَيْرَ بَعِيدٍ، يعني : دخولهم غير بعيد، فيقال لهم ﴿ هذا مَا تُوعَدُونَ ﴾ في الدنيا ﴿ لِكُلّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴾ أي مقبل إلى طاعة الله، حفيظ لأمر الله تعالى في الخلوات وغيرها، ويقال : الأواب الحفيظ الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها، وروى مجاهد عن عبيد بن عمير مثل هذا قوله عز وجل :﴿ مَّنْ خَشِىَ الرحمن بالغيب ﴾ يعني : يخاف الله عز وجل، فيعمل بما أمره الله، وانتهى عما نهاه، وهو في غيب منه ﴿ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾ يعني : مقبلاً إلى طاعة الله مخلصاً ويقال لهم :﴿ ادخلوها بِسَلامٍ ﴾ ذكر في أول الآية بلفظ الواحدان، وهو قوله وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ، ثم ذكر بلفظ الجماعة وهو قوله :﴿ ادخلوها ﴾ لأن لفظه من اسم جنس، يقع على الواحد، وعلى الجماعة، مرة تكون عبارة عن الجماعة، ومرة تكون عن الواحدان ﴿ ادخلوها بِسَلامٍ ﴾ يعني : بسلامة من العذاب والموت والأمراض والآفات ﴿ ذَلِكَ يَوْمُ الخلود ﴾ أي لا خروج منه قوله عز وجل :﴿ لَهُمْ مَّا يَشَآءونَ فِيهَا ﴾ يعني : يتمنون فيها ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ يعني : زيادة على ما يتمنون من التحف والكرامات، ويقال هو الرؤية وكقوله :﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أولئك أصحاب الجنة هُمْ فِيهَا خالدون ﴾ [ يونس : ٢٦ ] ثم قال عز وجل :﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ ﴾ يعني : قبل أهل مكة ﴿ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً ﴾ يعني : أشد من أهل مكة ﴿ فَنَقَّبُواْ فِى البلاد ﴾ يعني : طافوا وتقلبوا في أسفارهم وتجاراتهم، ويقال : تغربوا في البلاد ﴿ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ﴾ يعني : هل من فرار، وهل من ملجأ من عذاب الله.