لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) الآية ٢٧١ من البقرة في ج ٣ فقد جعل جل شأنه الذين لا يتفقدون المتعففين جهلاء ليتقضوا لذلك ويرفعوا عنهم وصمة الجهل وليتعظ الذين يريدون وجه اللّه في صدقاتهم، وإنما خص الأسحار بالاستغفار لأنها في ثلث الليل الأخير وهو وقت مبارك فيه يطلع اللّه تعالى على عباده وهو وقت غفلة أكثر الناس، ولهذا فإن العارفين سارعوا إلى التهجد فيه، لأنهم يعرفون ما فيه، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟.
ولمسلم قال : فيقول أنا الملك أنا الملك، وذكر الحديثين، وفيه حتى يضيء الفجر، وزاد في رواية من يقرضني غير عديم ولا ظلوم ؟ يريد نفسه تقدست وعلت.
فمالكم أيها الناس معرضون عن التعرض لهذه النفحات القدسية والرحمات الرحمونية، فهلموا إليها اغتنموها ولا تضيعوا أوقاتكم سدى وتهملوا أنفسكم فيفوتكم هذا الخير في هذا الوقت فهو مظنة القبول، والإجابة إذا صحت النية وخلصت من الأهواء وكانت الرغبة إلى اللّه متوفرة، وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال : كان النبي صلّى اللّه عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله


الصفحة التالية
Icon